كيف نخفض من نسبة البطالة في المجتمع
]
الدكتور تيسير الخنيزي * - «
صحيفة عكاظ » - 23 / 4 / 2008م - 2:19 م
التحدي الكبير الذي يواجه المجتمع والدولة هو كيف نرفع من قدرة الاقتصاد الاستيعابية لتشغيل السعوديين من الخريجين والباحثين عن عمل وأن نحول الموارد البشرية المعطلة عن العمل إلى طاقات إنتاجية تساهم في خلق وظائف جديدة وتعمل على تنويع الاقتصاد المحلي وزيادة الدخل القومي وتوطين التكنولوجيا وخلق علاقات اقتصادية نفعية متبادلة بين مختلف القطاعات من خلال تشابكه مع بعضه البعض؟ بمعنى آخر كيف نفعل الطاقات الكامنة في اقتصادنا ومجتمعنا من خلال تشجيع العمل الحر في الصناعات المعلوماتية والهندسية والبرمجيات من خلال احتضان المشروعات الصغيرة وتحويل الأفكار والإبداعات الفردية والمؤسساتية إلى مشروعات قادرة على النمو والاعتماد على القدرات الذاتية دون المساعدة من أحد ولكن هذه المشروعات تحتاج في بدايتها إلى دعم خاص ومساند لتستطيع الوقوف على قدميها مشابه لتجربة احتضان الأم لأطفالها خلال فترة الطفولة، لذلك أولا نشر وتنمية ثقافة العمل الحر بين الشباب والشابات من خلال الجامعات والغرف التجارية الصناعية والمؤسسات الأخرى في المجتمع أمر في غاية الأهمية لدفع عجلة الاستثمار في المشاريع الصناعية، معظم المشاريع التي تحتضن في دول العالم تأتي من مؤسسات الدولة ولكن هناك دور مهم للقطاع الخاص من الممكن أن يلعبه بحكم المنفعة المتبادلة بين مشروعات مكملة لبعضها أكثر من أنها متنافسة.
هناك صعوبات كبيرة تحد من قيام المشروعات الصغيرة ذات التقنية العالية تتمثل في تحديد نوعية المشروعات المناسبة ذات الجدوى والافتقار إلى المعرفة الفنية والإدارية لهذه المشاريع بالإضافة إلى صعوبة التمويل اللازم للبدء في هذه المشاريع، هناك شريحة ليست صغيرة من الرجال والنساء تحمل مؤهلات علمية مناسبة في مجال تقنية المعلومات والبرمجة بدون عمل ولكن من خلال العمل والخبرة في هذه المشاريع الصناعية المحتضنة سوف يتمكنون من القيام بالدور الوظيفي المطلوب وبذلك يساهمون في توطين التكنولوجيا والمعرفة، معظم المشاريع الصغيرة حاليّا لا تخلق فرصا وظيفية للعمالة المحلية أكثر مما أنها تعمل على زيادة طلب وتشغيل العمالة الوافدة.
نستطيع أن نخفض من نسبة البطالة في المجتمع من خلال احتضان المشاريع الصناعية الصغيرة التي يحتاج لها الاقتصاد السعودي، من شروط الاحتضان لهذه المشاريع أن تكون عمالتها الرئيسية من السعوديين إلا في حالات معينة لنقل المعرفة والخبرة، نعتقد أن احتضان المشاريع الصغيرة ذات الصبغة التقنية من قبل مؤسسات الدولة والمجتمع أمر مطلوب عندما تكون احتياجاتها من الخامات متوفرة محليا ولها طلب في السوق المحلي بين المؤسسات والشركات، تستطيع شركات كبرى مثل سابك وأرامكو وسكيكو والمؤسسة العامة لتحلية المياه بالإضافة إلى شركات ومؤسسات في القطاع الخاص الأخرى تقديم قوائم من المشاريع المقترحة التي تستحق الاحتضان وذلك طبقا لاحتياجاتها في مجال تقنية المعلومات والصناعات الهندسية وكذلك باستطاعة الكليات التقنية والتطبيقية في المملكة أن تساهم في تقديم المشاريع المقترحة بما لها من معرفة، هناك شباب وشابات أيضا من ذوي المبادرات الذين يحملون أفكارا جديدة وحماسا لتنفيذها ولكن ينقصهم الدعم، القطاع الخاص الذي له منفعة في نمو هذه الصناعات بحكم أنها مكملة لبعضها يستطيع تحديد الاحتياجات والبرامج والتخصصات المطلوبة ليتناسب مع الصناعات المقترحة. الجامعات والغرف التجارية الصناعية بالإضافة إلى المكاتب الاستشارية تستطيع القيام بعمل دراسات الجدوى الاقتصادية وتقديم الاستشارات في مختلف المجالات الإدارية والتسويق والإنتاج والمحاسبة والشؤون القانونية، من المتوقع أن تلعب مؤسسات الدولة دورا بالغ الأهمية مثل وزارة المالية والاقتصاد الوطني وصندوق الموارد البشرية وصندوق التنمية الصناعية في تقديم الدعم المالي اللازم وتقديم الأراضي المطلوبة مع الخدمات لنجاح هذه المشروعات بعد التأكد من صحة دراسات الجدوى الاقتصادية والفنية، صندوق الموارد البشرية من المفترض أن يلعب دورا رئيسيا في تدريب وتأهيل الكوادر والخبرات اللازمة لنجاح عملية احتضان المشروعات الصغيرة المقترحة، احتضان المشاريع الصناعية الصغيرة وتقديم الدعم المالي والفني والإداري واللوجستي اللازم سوف يعمل على نجاح هذه المشاريع.
هناك إمكانية لتكوين مصالح تجارية مشتركة وعلاقات متبادلة ومكملة لبعضها بين الشركات والمؤسسات الكبرى والمشاريع الصغيرة المحتضنة لذلك تقديم المساعدة والدعم للمشاريع الصغيرة من قبل الشركات الكبرى يصب في مصلحة الشركات الكبرى كما في ذلك المشاريع الصغيرة وذلك العمل يصب في زيادة الدخل وتنوع وتشابك الاقتصاد الوطني علما بأن المشاريع الصغيرة في الاقتصاديات الصناعية تلعب دورا ديناميكيا حيث تساهم في أكثر من 60% من الدخل القومي. تلك الإمكانيات البشرية الموجودة في بلادنا إن وجدت لها التوجيه والرعاية والدعم المناسب من الممكن أن تعمل على رفع نسبة العمالة في المجتمع بصورة بارزة وعلى تنوع وتشابك الاقتصاد السعودي وعلى تأكيد المصالح المشتركة بين مختلف القطاعات وتوطين التكنولوجيا وإذا لم تجد هذه الإمكانيات البشرية ذات الصبغة التقنية الرعاية فسوف تتحول إلى مشكلة اقتصادية واجتماعية في المجتمع.