مع الموسى في بدعة التطبير
برير السادة * - 12 / 3 / 2008م - 11:31 ص
يسهب الاستاذ عباس الموسى, وهو يناقش موضوع التطبير, وينتقي الادلة ويغوص في اعماق المصادر المتنوعة في دراسته
«التطبير بدعة ام شعيرة», وهو جهد نرجو ان يثري الحراك الفكري, ويصب في رفع المستوى الثقافي, وان يتناول مواضيع اكثر حساسية وخطورة, وذلك لان مثل هذه المواضيع تحتاج لوقت طويل لحسم النقاش فيها, وتغليب راي على راي اخر, بل ربما لا تحسم نتيجتها.
ولنا على هذه الدراسة ملاحظات لن تكون بالاسهاب نفسه او بالمصادر الكثيرة العديدة التي سجلها الكاتب في دراسته. فالكثير من الادلة المطروحة في الدراسة محل جدل ونقاش. فالكاتب الذي بداء بحكم توقيف الشعائر لم يسق لنا دليلا واحد على ان الشعائر توقيفية سوى الاية القرانية التي اشارت للمعنى الكبير من تعظيم الشعائر وهو التقوى هذا من جهة.
ومن جهه ثانية وطبقا لهذا الراي يلزمنا التخلي عن كل ما لم يرد فيه نص مثل اللطم ولبس السواد على ما اتذكر, حتى وان كان داخلا في دائرة الاباحة بحجة انه لم يرد فيه نص. بينما الاصل في الاشياء الاباحة ما لم يرد دليل بحرمتها.
واما رجعنا لدليل الاضرار بالنفس فانه فليس حاسما في هذا المجال, فهذا نبي الله يعقوب
بكى على ابنه يوسف
حتى ابيضت عينه من الحرن فهل ارتكب محرما؟؟؟ يقول تعالى
﴿ وتولى عنهم وقال يا اسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ﴾[1] وهذا رسول الله كان يقوم الليل حتى تتورم قدماه, فلما عوتب في ذلك قال افلا اكون عبدا شكورا...
كما ان الاضرار بالنفس في سبيل مصلحة عليا شأن عقلائي, فماذا لو تحمل الانسان بعض التعب والالم والعناء في سبيل مصلحة راجحة؟؟ والامثلة في هذا المجال كثيرة ومتعددة, فبعض الاعمال التي يقوم بها الناس طلبا للرزق تنطوي على اضرار تصل لقطع بعض الاطراف وغيره...
واما ان كنت جازما بسريان هذا الدليل بما لي ادوات الجزم والتوكيد من معنى. فالتدخين اولى بالحرمة فقد اثبتت الابحاث والتقارير الطبية بما لا يدع مجالا للشك في ضرره الكبير على حياة الانسان, فهو سبب رئيسي في امراض السرطان القاتلة وغيرها من الامراض.
وليسمح لي الكاتب/ القارئ ان انتقل الى الدليل الاخير وهو "توهين المذهب", فانا الى الان لم اعرف من يشخص "التوهين" المكلف او الفقيه.
فان كان المكلف فليترك الموسى للمكلفين التشخيص, واما ان كان الفقيه فليسعفنا بضوابط التوهين التي اعتمدها الفقهاء في هذا الموضع.
فتشنيع العامة علينا لم يترك لنا من ديننا شي, فهم يشنعنون علينا في البكاء على الحسين فهذا الدكتور عايض القرني يكتب في الشرق الاوسط "أنا سُني حسيني، جعلتُ ترحُّمي على الحسين مكان أنيني .." وغيرها من مقالاته المنشورة.
ويشنعون علينا في التبرك بقبور الاولياء والسجود على التربه, والمتعة, ورفع اسم امير المؤمنين علي
في الاذان وغيرها الكثير....
ولا يفوتني ان اشير الى ان الطعن والتوهين في مذهب اهل البيت
ليس وليد الساعة, فالكثير من الاعتراضات قد قيلت في العصور المتنوعة لحياة المعصومين
, فهذا ابن ابي العوجاء يستنكر على الامام الصادق
الطواف بالبيت فيقول لماذا تطوفون بهذه الاحجار وتهرولون بين جبلين!!؟؟؟ فاجابة الامام بقوله "انما فرض الله على العباد الطواف بهذا البيت ليعلم منهم التسليم"..
فالتطبير ليس توهينا للمذهب, ولكن التوهين هو الاقدام على المعاصي والجرائم التي تبرزنا بصورة مخجلة وقبيحة, وهو ما تشير وتحث عليه الروايات الكثيره مثل قول الامام الصادق
«كونوا زين لنا...» وروي عن الإمام الباقر
«والله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يُعرفون إلا بالتواضع والتّخشّع، وأداء الأمانة، وكثرة ذكر الله، والصوم، والصلاة، والبرّ بالوالدين، وتعهد الجيران من الفقراء وذوي المسكنة والغارمين والأيتام، وصدق الحديث، وتلاوة القرآن، وكفّ الألسن عن الناس إلا من خير، وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء»
[2] .
فان كنت يااستاذنا الفاضل حريصا على المذهب, خائف عليه, فلتكن همتك وكفاحك في ارشاد الشباب, والعمل على بناء القيم في الوسط الاجتماعي.
[1] سورة يوسف:84.
[2] جواهر البحار.