ما «فاتك السرب...» يا أبا قطيف!
الدكتور جميل الجشي * - «
صحيفة اليوم » - 12 / 3 / 2008م - 9:53 ص
أبا قطيف، ما «فاتك السرب»، لقد كنت دائما معه ان لم تكن في مقدمته، تسير معه، ويسير معك في خطى متناسقة ومتماسكة، حتى أتاك اليقين، واختار الله أمانته.
ضربت أروع المثل في التضحية، وأنت تحاول خدمة وطنك، كل وطنك، وكل بني وطنك، وإن قل من يعلم بتلك التضحيات. كان الوطن همك وكنت مشغولا به، في كل جهد قمت به، وفي كل اتجاه اتجهت وكل مجال، وفي كل صقع ذهبت اليه، وكل عمل عملته. تقبلت عيشة الكفاف وشظف العيش وأصعب الظروف، في حين كان بامكانك التمتع والاستمتاع بمغريات الحياة كما يفعل الكثيرون.
لم تتأفف، ولم تتأسف، وما تركت حياة صعبة، الا لما هو أصعب منها، نفسيا وجسديا وماديا، وكل ذلك في سبيل أن تعمل من أجل الوطن الذي أحببته، «الارض والانسان»، وبكل جوارحك.
أبا قطيف، كم كنت نبراسا به يهتدى، وعلى هديه يسير الطامحون. اتخذك الكثيرون مثلهم الاعلى وتعلموا منك الكثير ونميت فيهم روح الطموح وحب العلم والعمل. كنت شعلة مضاءة لابناء وطنك، كلما أخذوا منها اشتد ضياؤها حتى غطى نورها الوطن كله. ومن هنا كان تقدير الدولة لك متمثلا في وسام الملك عبدالعزيز.
واذ نعترف اليوم بترجلك، صابرين محتسبين، فاننا لانبكيك بقدر مانبكي انفسنا، وعزاؤنا أنك زرعت الكثير من الغرس الصالح ليواصل المسيرة ويحمل شعلة العمل لما فيه خير الوطن وأهله. فلتقر عينك يا أبا قطيف وعش، بإذن الله، مع الخالدين في جنات النعيم.
أما آثارك الادبية وملاحمك الشعرية فأتركها لمحبيك المختصين من أهل الوطن ومن خارج الوطن، وأنا أجزم بأنني سأقرأ الكثير عنك، وسيطلعوننا على اضاءات كثيرة تزخر بها أعمالك الادبية والشعرية.
أبا قطيف، انني واثق من ان هذه الكلمة القصيرة والعجلى لاتفيك حقك، بل أجزم بأنني لا أستطيع أن أوفيك حقك مهما كتبت ومهما حاولت، فعذرا أيها الراحل العظيم، وعذري أن قلبك كبير، ولامحيص من يوم خط بالقلم. رحمك الله رحمة واسعة، والهمنا وجميع محبيك الصبر والسلوان،
﴿إنا لله وإنا إليه راجعون ﴾