تعلموا كيف تحبون ولا تتعلموا كيف تحقدون
عباس الموسى * - 24 / 3 / 2008م - 3:29 م
عندما بعث رسول الله
إلى هذه الأمة بعث وهي مليئة بالحقد والكراهية والبغضاء، والحروب الطاحنة التي تجري بين القبائل آنذاك شاهدة على ذلك.
فدعوة الرسول
إلى الناس دعوة إلى الحب وعلى الحب، دعوة إلى التقارب، دعوة إلى التآلف، فالحب هو الإيمان والإيمان هو الحب فقد روي أن الإمام الصادق سئل عن الحب والبغض، أمن الإيمان هو؟ فقال : وهل الإيمان إلا الحب والبغض؟ ثم تلا هذه الآية
حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (الحجرات: من الآية7)
فالحب ثمرة الإيمان
والحب دليل صفاء نية الإنسان
إن وجدت الإنسان محبوباً فهو يحب
يحب الناس لا لذاته، يحب الناس في الله ولله، لا يفكر في نفسه لا يسعى في مصالحه، الحب أعمى نفسه الأمارة بالسوء.
فماذا يعني الحب؟الحب يعني أن نتزاور في الله، أن نحب لغيرنا ما نحبه لأنفسنا، أن نسعى لمصلحة الغير، أن نتحمل بعضنا البعض، أن نتلمس الأعذار لبعضنا البعض، أن نعفو عن بعضنا عن سقطات اللسان وهفواته، أن نحمل بعضنا على سبعين محمل، أن ننظر بإنسانية إلى بعضنا البعض
وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (الاسراء:70) لذا فإننا محتاجون في هذه الأيام ولما نمر به من مصائب شخصية وطائفية وإسلامية أن ننظر إلى الأمور بمنظار الحب الذي تذوب معه كل الحدود، والذي تخفق معه القلوب، والذي تذلل به المصاعب والمصائب.
فرسول الأمة محمد
هو رسول الحب، دعا بالحب وعمل للحب وجعل استمرار الحفاظ على دعوته بالحب
قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً لَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى (الشورى: من الآية23)
وإذا لاحظنا رسول المحبة محمد
في دعوته وجدناه ينظر إلى من يدعوه نظرة المحب والمشفق فبدءاً بدعوته للأقربين منه
وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾(الشعراء:214) ومروراً بدعوته العامة للناس وتعامله معهم وعلاقته بهم، وحوادث غزواته وحتى آخر لحظة من حياته الشريفة كلها تدل على حبه للناس ورغبته في دخولهم للإسلام الذي هو دين الحب، وكان ينزعج من رفض الناس لدخول الإسلام ويتألم ولذا جاءه الخطاب من رب العزة
وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ (يونس:99) أي : علام تحزن وتذهب نفسك على كفرهم وعدم إيمانهم.
كما أن رسول الله رسول المحبة
مع ما لاقاه من أعدائه من اليهود والنصارى عامة ومن قريش خاصة إلا أنه كان يحمل في قلبه حباً لهم لما يحمله من إنسانية كبيرة وعظيمة لا يصل إليها أحد فقد كان يقول «اللهم أهد قومي فإنهم لا يعلمون» وما ذلك إلا انطلاقاً من الحب.
فماذا أخذنا من رسول المحبة محمد
؟
وماذا تعلمنا منه؟ وهو القدوة والأسوة.
الحب أم البغض
إننا في وضعٍ لا يحب بعضنا بعضا، ولا يرغب بعضنا في بعض، ولا يتكلم بعضنا مع بعض، ولا ينصح بعضنا بعضا، ولا يتعامل بعضنا مع بعض !!
فأين نحن من رسول الله
ومحبته؟
فهل تعلمنا الحب منه؟
وهل عودنا أنفسنا على حب الآخرين أم لا؟
ينبغي علينا أن نتعلم كيف نحب الآخرين.
لا كيف نحقد عليهم؟ ولا كيف نبغضهم؟ ولا كيف نكرههم؟!
ينبغي علينا أن نحب جميع الناس : المؤالف والمخالف.
لا أن نكرههم، لا أن نبغضهم، لا أن نحقد عليهم..
ينبغي علينا أن نحب جميع الناس : من يتفق معنا في الرأي ومن يختلف.
لا أن نسقطهم أو نضللهم أو نكفرهم أو نخرجهم من المذهب والدين لمجرد الاختلاف في الرأي.
أسوة برسول الإنسانية... رسول المحبة محمد
تعلموا كيف تحبون ولا تتعلموا كيف تحقدون.