في مفهوم الأمن

في مفهوم الأمن


عبد الله حسن العبد الباقي * - « صحيفة عكاظ » - 24 / 4 / 2008م - 3:43 م



هناك حاجات اساسية للانسان لا غنى عنها وبدونها تنتهك انسانيته. من سياقها المأكل والمشرب والشعور بالانتماء ومن ضمنها الأمن. فالأمن إذا «مسألة جوهرية للفرد وهذا يعني أنها مسألة جوهرية للمجتمع. فالأمن في الحقيقة يشمل بقية الحاجات الاساسية الاخرى بمنظوره الشامل, فهناك امن غذائي وأمن صناعي وأمن وظيفي وأمن عام وأمن صحي و.. إلخ». وهذا يعني ان الأمن قضية وطنية شاملة.
وإذاً اطرح هذا المفهوم أبين، من وجهة نظري، الاهمية القصوى لمسألة الأمن في المجتمع وبالتالي فإن مسؤولية الأمن بالاضافة للدور المحوري فيه لوزارة الداخلية ,الجهة المسؤلة عن الأمن الا انه مسؤولية اجتماعية ايضاً تشمل الاسرة والمجتمع الصغير والانتماء المغلق ودور المدرسة وأثر الحياة المعيشية ودور التربية العام والقيم وغيرها.
لقد أصبح من المقلق حقاً ان تطالعك الصحف المحلية وبشكل يومي تقريباً لتنقل لك خبر مقتل شاب برصاص طائش في حفل زواج, وأخرى لص مسلح يقتحم منزلاً.. ويحتجز ابنه وذاك الذي قتل في حفلة عرس خطـأً وغيرها من الاخبار اليومية بل والمعاشه في الواقع, فقد برزت للوجود ظواهر جديدة وغريبة عن مجتمعنا حيث أصبح إطلاق النار في حفلات الزواج أمراًٍ محتفى به كأن السلاح لعبة اطفال ! بل قد ترى شاباً يمتطي دراجته النارية وعلى كتفه سلاح ويسير بكل بساطة وجرأة في الشارع. فهل هذا أمن ام إقلاق له؟
كل هذه الظواهر مخلة بالأمن والمتضرر هو المجتمع ككل, فعلى المجتمع أن يمد يد المساعده أيضاً من خلال التربية وحل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع الصغير, هذه المساعدة لا تلغي ولا تعفي الجهات المعنية من مسؤوليتها من مناقشة هذه الظواهر, والعمل الجاد والمدروس والعلمي للتصدي لها. والملفت أن الأمن العام السعودي عندما أصدر تقاريره وإحصاءاته حول عدد الجرائم في العام ونوعيتها فذلك يعني أن هناك مَن يراقب بإمعان قضية الأمن.
حسب جريدة الوطن ألسعودية. فإن إحصاء 2005, 90 ألف جريمة جنائية تتصدرها السرقة بواقع 43489 حالة, وحالات قتل وانتحار 14040 جريمة , والجرائم الاخلاقية 10738 جريمة ,أما في إحصاءات 2006 فارتفعت جرائم قتل الأفراد إلى 15492 جريمة قتل. هذه الأرقام المسجلة لدى الأمن العام والتي تم من خلالها الشكوى, وهناك الكثير الذي لا يتم تسجيله , وبالذات بالنسبة لجريمة السرقة, فعندما لا يجد الناس طائلاً من الابلاغ عن السرقات ولا يجدون نتيجة مرضية فإنهم يصدون عن الابلاغ.
يجب أن يستنفر المجتمع كله وعلى رأسه وزارة الداخلية لدراسة المشكلات والمسببات التي أوصلت أجزاء من مجتمعنا الى عالم الجريمة، ووضع حلول استراتيجية لها، بالإضافة الى العمل اليومي الذي تقوم به وزارة الداخلية.
وأعتقد أن وزيرالداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز حريص كل الحرص على قضية الأمن ويهمه ان يسمع كل المقترحات التي تدعم قضية الأمن. واسمح لنفسي هنا ان اشارك ببعض الأراء التي قد تساهم في تطوير عمل الأجهزة الأمنية، من ضمن هذه المقترحات:
- اختيار رجال الأمن و بالذات الشرطة والدوريات من المدن والحارات والقرى التي يقطنون بها وباختيار خيار ساكنيها, ليصبح الجميع مسؤولاً عن الأمن. فالجميع بهذه الطريقة حريص على قرية, منطقة, أو مدينة ينتمي لها وبالتالي فإنه يهمه أمنها.
- الالتفات إلى الحاله المعيشية لرجال الأمن, فهؤلاء عادة معرضون للخطر, وبالذات في هذه الفترات, في الوقت الذي يرتفع فيه مستوى المعيشه, مما يجعل رجل الأمن الصغير الذي هو الخلية الاولى للامن قابلاً للاغراء من قبل مجرم, أو يمارس عملا آخر, والأمن آخر أولوياته أو غيرها من الحالات, لذا فإن توفير ألدعم المالي والعناية والاحساس بالكرامة يجعل رجل الأمن يمارس دوره بالشكل المطلوب. إن المجتمع يرى أنه هناك الكثير من أصحاب القضايا والمطلوبين للعدالة يمشون بين ظهرانيهم وذلك يعني أن الجدية غير كافية من قبل رجل الأمن أو العدد غير كاف أو لأي سبب آخر. وهنا أهمية دور رجل الأمن الصغير الذي علينا أن نراعيه ليؤدي دوره.
- قيادة عمل فكري أمني يدرس بشكل علمي هذه الظواهرالاجتماعية الجديدة ودراسة أسبابها الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والتربوية ودور الأسر «من هم أسر هؤلاء المجرمين مثلا؟» وليس فقط دراسة الاسباب بل وطرح الحلول لتلك المشكلات الأمنية.
- الاهتمام بمفهوم الأمن وسبل مواجهة الجريمة تربويا ودراسياً, فعلينا مواجهة الواقع وتعليم ابنائنا طرق التصدي للجريمة عبر توضيح الاهمية القصوى للامن على حياة ومستقبل أطفالنا.
- دعوة المجتمع الاهلي والمدني للمشاركة الفعالة في توعية المواطنين بأهمية الأمن لخلق مصدات إجتماعية لعالم الجريمة والمشاركة الفعالة في التصدي لها ودراسة الظواهر الجديدة.
هذه بعض مقترحات, وأنا متأكد أنه لدى غيري ألكثير لطرحه من أجل تدعيم الأمن ومعالجة ظاهرة غريبة على مجتمعنا. نعم ولكنها موجودة وبالتالي علينا مواجهتها, وعلى الجميع المشاركة في طرح المقترحات التي تساند قضية الأمن وتدعم العمل الاساسي لوزارة الداخلية والاهم انها تخلق الاستقرار الذي ينعدم بغياب الأمن. ان كل حريص على هذا الوطن جدير به ان يعطي انتباهاً خاصاً لقضية الأمن. اللهم اجعل هذا البلد آمناً.صفوى