جريدة اليوم تهين شيعة الأحساء

قامت أسرة الهاجري في الأحساء والمنطقة الشرقية بعمل إعلان نعي لوفاة سماحة الشيخ محمد الهاجري على صفحة كاملة في جريدة اليوم يوم الثلاثاء 22/7/1425هـ وهو إعلان مدفوع القيمة بــ 28 ألف ريال، ولكن الإعلان لم تكن فيه كلمة «سماحة الشيخ» واكتفت بكلمة «الشيخ»، ضاربة بذلك عرض الحائط بمكانة وتاريخ هذا الشيخ الجليل، وموجهة إهانة واضحة بعدم تقديرها لأهله وذويه ومحبيه ولشيعة الأحساء وذلك تسبب في غضب عارم وردة فعل وكراهية تجاه هذه الجريدة، وطال الغضب شخصيات شيعية معروفة على مستوى الدولة شعروا من خلال هذا التصرف بالإهانة وعدم التقدير، وطال الغضب كل من كانت له معرفة بذلك التصرف الغبي ورغم أنها مادة إعلانية لا يجوز لها أن تتصرف في ذلك إلا أن اجتهادها هذا أوقعها في ردة فعل غير متوقعة.
وكان على الجريدة أن تصحح خطأها الفادح بمادة صحفية في اليومين الماضيين، خاصة وأن أسرة الهاجري عملت إعلانا ولا بد من عمل تغطية مقابل هذا الإعلان وهو أمر متعارف عليه في الصحافة، إلا أنها لم تفعل؟ فماذا يعني تعزية سمو ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز لأبناء فضيلة الشيخ محمد سلمان الهاجري ونقل سمو الأمير بدر بن جلوي محافظ الأحساء تعازيه وتعازي سمو الأمير محمد بن فهد أمير المنطقة الشرقية، وهذه اللفتة من أصحاب السمو سيكون لها عميق الأثر في نفوس الشيعة.
العلماء والفقهاء والمراجع الدينية والمشايخ في الدول الإسلامية والعربية أبّنوا فضيلة الشيخ الهاجري وأقاموا مجالس العزاء، ربما ذلك أمر لا يهم صحافتنا، ولكن اتصال ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، وزيارة محافظ الأحساء يدل على المكانة العظيمة التي يتمتع بها هذا الشيخ؟ وليس الكلام هنا من باب العاطفة أو لكوننا شيعة نحزن لعدم الاكتراث بعلمائنا ومراجعنا ومشايخنا، ولكنني الآن أتحدث بصفتي صحفي فقط يعرف شيئا قليلا عن ماذا يعني الحس الصحفي والمهنية في العمل، فتشييع الشيخ الهاجري تحول إلى حدث محلي كبير فقد تسابق لتشييعه أكثر من 10 آلاف شخص، وكذلك التوافد الهائل من الناس على مجلس العزاء، وكان على جريدة اليوم أن تستغل حادثة وفاة الشيخ الهاجري، وتتعامل معها صحفيا، وتقدم تغطية متميزة وتكسب شريحة عريضة وواسعة من أبناء الأحساء بشكل خاص، والمنطقة الشرقية والمملكة والخليج بصفة عامة، إلا أنها وبكل أسف فرطت في فرصة صحفية وإعلامية ذهبية سانحة أمامها، مثل ما تفرط بشكل مستمر في مناسبات كبيرة تمر على الأحساء وتتناولها جريدة اليوم كما تتناولها بقية الصحف، بل أن الصحف الأخرى تتفوق في تغطياتها وملامسة هموم وقضايا وآلام أبناء الأحساء. وحينما نعتب على جريدة اليوم فلأنها جزء من شخصية الأحساء وتاريخه وثقافته، وننتظر منها الكثير ونتعامل معها بعاطفة، ولكنها في كل مرة ومع الأسف تخذلنا.
وأرجع مرة أخرى إلى مفردة العاطفة فلا أكتب هذا لأني من أبناء الأحساء، ولكن لأن جريدة اليوم لا تلبث تدّعي وتردد اهتمامها بهذه المنطقة وتطمح في زيادة مبيعاتها وكسب حصة إعلانية منها، وهو حلم لم تستطع أن تقترب منه ولم تفكر بكل جدية في تحقيقه، فلا زالت ـ اليوم ـ تتعامل مع الأحساء بشكل سطحي، بصفتها مجاري طافحة وأعمدة كهرباء مائلة وسفلتة ناقصة وأشجار تسد الطريق، ولم تتجرأ على التعامل مع التاريخ والحضارة التي تكتنزه الأحساء ولا مع علمائها من الشيعة والسنة بكل احترام ولا مع أدبائها وكتابها وأكاديمييها بوعي وثقافة وتقدير، ولذا تأتي مناسبة رحيل فضيلة الشيخ محمد الهاجري درسا لا ينسى لأنه في الوقت الذي فيه تكسب هذه الطائفة، تحوّل هذا الكسب إلى كراهية وحنق وغضب والدعوة إلى مقاطعة الجريدة كما جاءت الدعوة للمقاطعة قبل شهر من أحد أبناء القطيف ويأتي اتصال ولي العهد ليقول للجريدة: أنكم يا جريدة اليوم لا تعرفون أبنائكم ولاتقدرونهم ولا تعرفون المنطقة التي أنتم فيها ولا زلتم تتعاملون بعاطفة وبطائفية شيعي وسني. رغم أن ـ اليوم ـ يجب عليها أن تقفز على هذه التفاهات «تفاهات من منظور صحفي وإعلامي ومهني» لأن المكان الذي تصدر منه وتتوجه إليه يحتم عليها ذلك، وتجاهل طائفة بهذا الحجم السكاني والثقافي والتاريخي يساهم في تراجعها يوما بعد يوم، فهي جريدة أو قطاع خاص عليه أن يفكر في الربح والكسب والتفوق والقفز على كل ما يعيق تحقيق تلك الأهداف، ولكنها لا زالت تلعب على وتر العاطفة فأبناء الأحساء بشكل طبيعي يشتري جريدة اليوم لأنه يشعر بقربها منه وقربه منها، ولكن أخطاءها المتكررة ربما سيتيح للصحف الأخرى المنافسة في استغلال ذلك الموقف خاصة جريدة عكاظ التي جاءت للأحساء لتنافس بكل قوة وجدية وجريدة الوطن تفكر في زيادة محرريها والاقتصادية تفكر ـ حسب معلوماتي ـ في افتتاح مكتب لها في الأحساء، كما أن نفاذ جريدة الشرق الأوسط والحياة والوطن وعكاظ والصحف الأخرى من السوق دلالة على أن أبناء الأحساء لا يشترون الصحيفة التي تكتب عنهم فقط بل يقرؤون الأخبار والمقالات والتغطيات المتميزة، وعلى اليوم أن تحسب حسابا لذلك.
ومرة أخرى أكتب كلمات: كراهية، حنق، غضب عارم، بُغض، الشعور بالإهانة، أكتب هذه الكلمات التي تعبر بكل صدق عن الموقف، أكتب بكل صدق لأنني من أبناء جريدة اليوم، ولها فضل عليّ فقد فردت صفحاتها ليّ بكل حب، وأنا أكتب الآن من باب الحب والوفاء لهذه المطبوعة التي ركضت على صفحاتها 12 عاما، فهو واجب عليّ أن أنقل الصورة واضحة للزملاء في الجريدة، ربما يكون ذلك سببا في التوقف قليلا وإعادة التفكير في طريقة تعاملها وفهمها لما تعنيه الأحساء وأبنائها من سنة وشيعة، وأحلم باليوم الذي تمكث فيه جريدة اليوم في يد القارئ ما يقارب الساعة أو حتى خمس ساعات، وأن تفاجئه بالانفراد بخبر صحفي أو الفوز في طرح قضية حساسة من الأحساء وغيرها.
ولكن حتى تغطية زيارة محافظ الأحساء كانت بشكل عادي تماما، ومن هنا نتساءل أين هي الأحساء التي تهتم بها جريدة اليوم أو تتمنى أن تهتم بها، هل هناك أحساء نحن لا نعرفها، أم هي أحساء لأناس معينين في أماكن معينة ونحن لسنا منهم؟
بهذا التصرف رجعت جريدة اليوم عدة خطوات إلى الخلف وتحتاج ربما إلى وقت طويل وجهد متواصل لتعوض مثل هذه الخطأ.
وجريدة اليوم في أروقتها طاقات ومواهب صحفية ولكنها كلها معطلة وتنتظر الفرصة للإبداع والعطاء، ولكن خيبات الأمل والإحباطات اليومية تجعلها لا تفكر في عمل مواد صحفية جريئة ومختلفة لأن مصيرها عدم النشر لأن عدد معين من مسؤولي الجريدة يسخرون الجريدة حسب أهوائهم ومصالحهم بعيدا عن متطلبات العمل الصحفي.