حديث السيد الحكيم (قدّس سرّه) في احتفال الحسينية الكاظمية بمناسبة مولد الإمام علي (عليه السلام)
في يوم الإثنين المصادف 13 / 7 / 1401 هـ. ق الموافق 18 / 5 / 1981 م
عِبر من سيرة الإمام علي (عليه السلام)
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيّبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
السلام عليكم أيها الإخوة والأخوات المؤمنون ورحمة الله وبركاته.
أهم ما تميزت به خلافة الإمام علي (عليه السلام)
أودّ أن أشير باختصار إلى ظاهرة برزت في الفترة الأخيرة من الحياة الجهادية لمولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) عندما تولى زمام الخلافة الإسلامية في ذلك الوقت. وكما تعلمون أنه (عليه السلام) تصدى للخلافة نتيجة لإقبال شعبي هائل من قبل المسلمين لأجل الرجوع إلى الحكم الإسلامي الأصيل، الذي عرفوه في زمن النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولذا تميزت فترة حكمه (عليه السلام) بإصراره الشديد على إرجاع مجريات الحياة الإسلامية إلى أصالتها واستقامتها بالشكل الذي خطّه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
ونتيجة لهذا الموقف لأمير المؤمنين (عليه السلام) والذي حملته جماعة من أصحابه، وجاهدوا من أجله حتى استشهدوا في سبيله، في الوقت الذي تخلت عنه جماعة أخرى فانحرفوا ذات اليمين وذات الشمال، بينما وقف آخرون موقف المتفرج، ومنهم من تبع معاوية طلباً للمال أو السلطان أو غيرها من إغراءات الحياة الدنيا.
أما معاوية بن أبي سفيان فقد تظاهر برفع شعارات خادعة كالخلافة الإسلامية ورفعه للمصاحف في واقعة صفين طلبا للتحكيم!
التضحية من أجل الإسلام
ومن أهم العبر التي لابد أن نستخلصها من هذا الموقف لأمير المؤمنين (عليه السلام) وأتباعه الذين عرفوا الإسلام حق معرفته هو مواصلة السير في طريق الإسلام وترسيخ قواعده الصحيحة، والجهاد من أجله حتى الشهادة، ولذا فنحن في الحقيقة عندما نعمل من أجل إقامة الإسلام لا نبغي من وراء ذلك رئاسة أو جاهاً أو سلطاناً، وإنما نريد من وراء بذل دماء الشهداء وسبي العيال وتشريد الأطفال، ومن وراء هذا الظلم الشديد الذي ينزل بالمستضعفين والمحرومين، نريد من وراء كلّ هذه المظالم تحقيق حكومة العدل الإلهي، كي يعيش الإنسان حياة العزّة والكرامة.
الحياة الكريمة بالتزام الولاية وهذه الحياة الكريمة إنما تتحقق إذا التزمنا بالخط الأصيل للإسلام المتمثل بولاية الفقيه، بخط أهل البيت (عليهم السلام) وبخط المرجعية الدينية المتمثل اليوم بالسيد الإمام الخميني (قدّس سرّه)، وما لم نلتزم بهذا الخط فسوف تتحول كل التضحيات التي قدّمها شعبنا، ـ والتي تعلمون الكثير منها ـ إلى خسائر يستفيد منها الاستعمار والإمبريالية.
وما لم نلتزم بالخط الأصيل للإسلام ونستمر عليها ونكون يداً واحدة وصفّاً واحداً فسوف يتآمر الاستعمار على قضيتنا كما تآمر من قبل، فيكتفي بتبديل وجه انكشف قبحه بوجه قبيح آخر يتستر تحت هذا الشعار أو ذاك.
وإنما أذكر هذه القضية لأن أمير المؤمنين (عليه السلام) ـ الذي نحي ذكراه اليوم ـ قد جاهد في أيام خلافته من أجل ترسيخ الخط الإسلامي الأصيل، وخلافه الرئيسي مع معاوية إنما كان بسبب هذا الأمر، وإلاّ فإن معاوية رفع شعار الإسلام وتطبيق أحكامه وإقامة شعائره.
إن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يريد أن يعيد للإسلام أصالته وروعته التي جاء بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بينما كان معاوية وأتباعه يتآمرون على الإسلام من أجل أن يحوّلوا المكاسب العظيمة التي تحققت بفضل الرسالة الإسلامية والتي جاء بها الإسلام إلى مجموعة من المصالح الشخصية والأفكار الجاهلية وبالتالي القضاء عليها.
وهذا هو الخلاف الأساسي والرئيسي بين ما أراده الإمام علي (عليه السلام) وبين ما أراده معاوية وليس خلافهما في الشعارات والمظاهر.
ولذلك لابدّ لنا أن نسير على خط الإمام علي (عليه السلام) الذي هو خط أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وخط المرجعية الدينية وخط الإمام الخميني (دام ظله) حتى نكون في موضع الرضا من الله سبحانه وتعالى ومن رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن أئمتنا (سلام الله عليهم)، وحتى يمكننا إما أن نحظى بشرف الشهادة إن أدركنا الموت أو بشرف نصرة الإسلام إن حقق الله سبحانه وتعالى لنا ذلك، كما ونسأله تعالى أن يستجيب لنا وأن يحقق لنا النصر القريب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.